Happy Chinese New Year

نجمة في سماء الأدب: مقدمة بقلم الشاعر والناقد سعيد القاضى


نجمة في سماء الأدب


مقدمة بقلم الشاعر والناقد سعيد القاضى :

تجولت في أسواق الأدب الفضائية باحثاً عن الثمار الحلوة الندية. .الواردة من بساتين الأديبة الدكتورة مرفت محرم.. والتي أغرتني بها الأديبة نبيلة غنيم... ظفرت بمجموعة قصصية (النفق) كعناقيد العنب تتدلى من كَرمةٍ  ثرية العطاء..لمحت سباطات من البلح المختلف الألوان والمذاق.. طرحها قلم شامخ كنخلة باسقة تناطح السحاب.. تُعطي أكلها كل حين بإذن ربها ..


قرأت قصصا..هادفة.. ممتعة.. أسلوب سهل يتجنب
الألفاظ القاموسية المغرقة في الغموض (كنوع من الاستعراض( .... وفي نفس الوقت يترفع عن المفردات
المتدنية التي تُفسد الذوق العام بزعم الواقعية التي يتغنى
بها البعض .


وجدت لغة تنساب سطورها على الورق برفق كأنها أسراب حمام.. ترفرف بأجنحةٍ مرصعة بالمحسنات اللفظية من سجع وجناس ..لتصل إلى قلب المتلقي بسرعة الضوء

***


أما من ناحية المضمون ..فقد وجدت قلما رشيقا يسبح بمهارة في نهر الحياة .. ومن بين أمواجه المتلاطمة.. أو المتناغمة.. أو المتزاحمة.. ومن مفارقاته العجيبة يصطاد مادته القصصية..ُيتَبِّلها..ويسبِّكها..ويجمّلها ليقدمها للقارئ شهية المذاق ..زكية الرائحة .

***


في بداية القصة يُوجه بوصلة تفكير القارئ لاتجاه معين..
ليوحي إليه أن محطة الوصول ستكون في نفس الاتجاه ..
لكن القلم المناور.. يلوي عنق البوصلة ببراعة في آخر
سطر من القصة ليفاجئ القارئ بأن محطة الوصول
في اتجاه مخالف.. وتكون الخاتمة عكس ما توقع..  وقد ظهر ذلك جلياً فى قصص عديدة بهذه المجموعة منها على سبيل المثال: (غرام الذئاب)، (ثمن اللقاء)، (رقصات فى الأدوار العليا)،  (الجوهرة)، (الراقصة)... إلخ


وأحيانا يترك القارئ في حيرة ليختار بنفسه محطته
التي يهواها؛ ظهر هذا الاتجاه في أغلب القصص التى منها على سبيل المثال: (الفتنة)، (اختناق)، (قطار الحياة) والحديث يطول في التحليل


وأتمنى للأديبة النجمة الدكتورة مرفت محرم مزيدا من العلو والارتقاء.. وأدعو الله أن تكثر النجوم في سماء الأدب.. فالسماء تكون أكثر جمالا لو كثرت بها النجوم.. والرياض تكون أكثر بهجة لو كثرت بها الزهور


لقد سطعت في سماء الأدب نجمة هي : الدكتورة مرفت محرم.. التى أبدعت فى كتاباتها القصصية.. فتحياتي لها ولقرائها الكرام ،


الشاعر والناقد أ / سعيد القاضى

المقدمة مع ظلال الحياة بقلم الكاتب والشاعر والناقد : عبد الرحمن البجاوى


مع ظلال الحياة
كما تشتار جماعة النحل الشهد والرحيق من قلوب الأزهار ، وكما تعزف الأطيار والرياح والأشجار على أروع قيثار ، وكما يسبح المصطافون بين أمواج البحار أول الليل وأطراف النهار ، وكما تهمس العطور بشذاها يتغنى الشعراء برياها تعيش مع (ظلال الحياة) وفيها قصة الغراب الذى علم ابن آدم ما قاله الحق جل وعلا فى سورة المائدة (31) "فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليُريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلنا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
وكما قال فقيد الفكر والأدب والفلسفة والحضارة والاجتماع الراحل (أنيس منصور 1924 ـ 2011) فى مقاله بالأهرام 25 /10/2011 م : "لم أجد صوت الغراب قبيحا إنه صوت غليظ ليس مزعجا ، صحيح أنه يخطف الأشياء من الناس ومن الصور الأخرى ... ونعيق الغراب مثل هديل الحمام لغة"
ولعلك أيها القارىء العزيز تفاجأ بهذا الفيض الروحانى والعشق الصوفى لهذه الظلال التى تشدنا من الريف ملهم الشعراء إلى الربيع النابض بالحب والأشواق ، وتنتقل من لغة الزهور فى رحلة على شاطىء الأحلام إلى عزف الطيور التى تسبح بحمد ربها "وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم" (آية 44) الإسراء ، وقد تنعم بهذه التسابيح منتشيا مع أيتام وأعلام قدوتنا إمامهم نبينا (محمد صلى الله عليه وسلم) ، وربما تتأمل جامع المال الذى فقد الحرام والحلال ، وتسمع مواء القط والطفلة فى نبضة شاعرة تدعونا إلى الإحسان فى كل شىء ، متأملا بديع صنع الخلاق ووجه الأديب ووجدانه حينما يمسك بالقلم فيخط أول حرف حتى يصل إلى النهاية من رسالة الأسير الذى يمضغ آلامه وراء الجدران فى ليل لا يظن له آخر يتقلب فى الهموم والأشجان ، وقلما يلتفت إليه سجان !!
وقد تدوى صرخة من الأعماق معلنة فى شموخ : أنا الحياة تشدو فى ينابيع الفكر وعلى خطى العبقرية البانية للأجيال ناقضة روح الذئاب التى لا تهتم إلا بنفسها ، ولا تأبه بعابر سبيل ، ولا تحس بنبضات المحسنين فى تجليات الفكر المعطاء وأنوار الحقيقة التى تبهرنا أينما نسير !!
وفى هذا الفيض النورانى صاغه قلم عاشق للفكر والأدب حيث خاض ينابيع العاطفة والوجدان متحدثا بأفصح لسان فى نثر شاعرى له أوزان وشعر تقلدته الحور الحسان والولدان ، إنه قلم الأستاذة الدكتورة (مرفت محرم) التى قدمت لنا من أعمالها الأدبية ديوانين من الشعر بالفصحى والعامية ، وهما (مصر التى) احتفاءً بثورة 25 يناير 2011 م التى عانقها الملايين فى الداخل والخارج ، وأشفقوا عليها من الفلول ـ جمع فَل ـ والتى تندس هنا وهناك ، وديوان (بهجة الروح) 2010 م ، وهى نموذج واع للأم العاملة المشاركة فى جامعتنا من الشمال إلى الجنوب ، كما تدل على عشق البحر وعروسه (الأسكندرية) التى تحدث عنها الشعراء مثل (عبد العليم القبانى 1918ـ 2002) ، والروائيون مثل (إبراهيم عبد المجيد) وغيرهما ، وشهدت حياة الكاتبة ـ ولا تزال ـ حيث طافت أرجاء المعمورة سابحة مع النجوم فى أفلاكها ، تعانق الضعفاء واليتامى فى خلواتهم وجلواتهم ، ومع الطبيعة التى "تتمايل بإعجاب يسحرها هواء الربيع الجميل وهواء البحر العليل إنهما الربيعان الأخضر الأرضى والأزرق المائى... سكر واحد من الطرب والعزف والعجب فكأس الحب قد وجب"
تحية إلى الأستاذة الدكتورة مرفت محرم على إسهاماتها الشعرية والنثرية ، ومزيدا من العطاء فى بحر الكلمة الوضاءة
عبد الرحمن أحمد البجاوى
عضو اتحاد كتاب مصر

إطلالة على الزلزال مقدمة بقلم الشاعر والناقد أ/ عبد الرحمن البجاوى

إطلالة على الزلزال

مقدمة بقلم الشاعر والناقد أ/ عبد الرحمن البجاوى
مع عالم الواقع المغلف بالخيال الشاعرى السابح فى مسابح الإلهام والرؤية الإبداعية المعبرة عن آلام وآمال الجماهير الحالمة تحت الشمس والساعية فى دأب وراء لقمة العيش الشريفة تطل علينا هذه المجموعة التى تجمع بين القص والسرد والمشاهدة والتسجيل فى تأن وتؤدة والتى تقدمها أ. د/ مرفت محرم ابنة الطبيعة حيث ترصد مايتراءى فى المجتمع المصرى بعد ثورة يناير من فساد وتلوث بيئى وخراب فى الذمم وغياب الضمير وراء النعوش الطائرة وادعاءات المعرفة صوابا أو خطأ والانتماء الحقيقى والزائف وسط بانوراما إعلامية تسحق أناء الليل وأطراف النهار وتوقع المشاهد والقارىء فى حبائلها المتشابكة فلا يدرى أين المسير أو كيف ينظر وسط هذه الشاشات المضيئة حيناً ةالمظلمة أحيانا فيلجأ إلى الخروجمن هذا المأزق بالاتجاه إلى الخالق ـ جل وعلا ـ فيجد على باب المسجد ما يعكر صفوه فيحاول أن يغتسل من همومه وأدرانه فيلقى المياه الملوثة بالروائح العطنة ثم يخرج إلى السوق طمعا فى لقمة نظيفة شريفة تسد جوعه فيشاهد ما لا يسمن ولا يغنى من جوع ويتعرض للآفات والسموم والمبيدات التى قوضت ظهر شبابنا فى ربيع العمر وحصدت أرواح العاملين فى المصتنع والمزارع .
هكذا تناولت د/ مرفت محرم هذه المجموعة الزاخرة بالفكرة الصادقة جامعة بين القصة القصسرة والإسلوب الفنى حيث ترسم لوحة إبداعية بقلمها المعبر عن المشاهد والأحداث التى تطلعنا صباح مساء فى مجتمع المدينة والقرية وفى البيئة الوسطى والعشوائية وما فوق الوسطى وتنتقد ما يدور فى الساحة مما تألم له النفس البشرية ولكنها ـ رغم كل هذا ـ لا تعرف لليأس سبيلا وكأنها تردد فى يقين ما قال سبحانه : (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) 87 سورة يوسف
ولقد سبق أن قدمت د/ مرفت محرم من المؤلفات ما يشهد بانطلاقتها فى بحار المعرفة واغترافها من تخصصها فى العلوم الزراعية وغيرتها على الأرض التى تعد كالعرض وما فالت : لا بزمانها قط أبدا ، إن كان جوابها إيجابا فنعم ، أةو سلبا فسكوتا أبديا ، وكيف أنها تأسى لتدمير التربة الزراعية التى وهبها الله لنا فأصبحت غابة من الأسمنت بدلا من أن تكون روضا يانعا يطعم الملايين التى يحضنها النبيل منذ آلاف السنين .
وتكاد هذه المجموعة التى سمتها (الزلزال
 تكمل بكل شموخ مجموعتها (النفق التى سبق إصدارها منذ شهور ، ولا تغنى مجموعة عن أخرى فكلتاهما نسيج وحده فى التشخيص والنقد والعلاج والإسلوب واللغة الرائقة المطعمة بالخبرة الممتدة بين ريفنا ومجتمعنا فتقطف بعض التعبيرات لتشكل ما يمكن أن نطلق عليه لغة وسطى .
وقد ضمت المجموعة ثلاثين عملا ما بين قصو وقصيدة نثرية ومقال علمى ومحاكمة عصرية تعكس أثر البيئة التى تمتد أفياؤها حول فكر ابنة الطبيعة مؤكدة أن العمل الإبداعى منظومة خاصة من مشاعر متباينة تعبر بصدق عن الزلزال الذى أعقب ثورة 25 يناير 2011 م ولا زلنا نعانى رغم صدور الدستور الموفور كثيرا من الآثار .
وقد تخيرت الدكتورة / مرفت محرم عناوين قصصها ومشاهد أحداثها بعناية فتجدها من كلمة واحدة معرفة مثل : الهاوية ، الزالزال ، الحفيد ، المشهد ، العذاب ، المتهم ، المحنة ، النبوءة ، الميزان . وما جاء نكرة غير محددة بزمان ولا مكان مثل : جريمة ، نقاب . وهناك عناوين معرفة بالإضافة التى تلقى بظلالها لذى القارىء مثل : حصاد الشيطان ، سوق الغلابة ، طفل الضياع ، رصيد الكراهية ، خيال المآتة . وما جاء موصوفا مؤكدا أن الصفة تتعلق بالموصوق مثل : الطرح المر ، الحصة الأخيرة ، النعوش العائمة ، السم القاتل ، اللحظة الأخيرة ، الكلمة المدمرة ، مشاجرة زوجية ، السنوات العجاف ، اليد الآثمة . وجاء عنوان : فى مهب الريح ، كلام فى كلام ليطلق العنان للخيال فيقرأ بإمعان هذه المشاهد والقصص والموضوعات كما فى نقاب ، الذى أمسى شكلا يعود إلى العصور الوسطى وكأنه يحجب نور البصيرة التى خلقها الله بعيدا عن الحقيقة حيث نجد التصرف الأحمق "من قص ضفيرة (حنان) الصغيرة البريئة الوادعة" وتنطلق الصرخة المفزعة حزنا على هذا التصرف اللاإنسانى ، ويأتى الميزان فى كلمات معدودة على أصابع اليدين مؤكدا " لا طاعة لمخلوق مهما كان فى معصية الحق الرحيم الرحمن" ويأبى الميزان أن يميل أو يطيع السلطان ، ويسجل التاريخ ما كان بحروف من نور ـ كما تقول ابنة الطبيعة ـ ليكون عبرة للبشرية جمعاء فى كل مكان ، وفى الكلمة المدمرة نجد موقفا شامخا منتقدا ما يتاجر به بعض الذكور من تهديد بقتل الحياة الزوجية بكلمة لا مبالية حروفها ـ طلاق ـ ونهايتها فراق !!
وفى طفل الضياع المنشورة بمجلة (هديل ع 6 بثقافة المنوفية) لابنة الطبيعة نجد انتقادا للزواج العرفى الطارىء على مجتمعنا ةما وراءه من نزوة عابرة تترك طفلا فى الشارع ينضم إلى قافلة الضائعين الناقمين الذين يحصدون مرارة غيرهم فيصبون على المجتمع جام غضبهم ، ولاتنسى الحفيد الذى غادر أهله القصر بما فيه فعاد غريبا يبحث عنهم فيجدهم وراء قضبان الحديد التى تستقبل كل طريد يعبث فى القاهرة أو فى الصعيد !!
وأترك للقارىء فرصة البحث وراء الإهمال فى النعش العائم الذى يذكرنا بمأساة العبارة (السلام) التى غرق فيها سنة 2006 أكثر من 1300 راحوا طعاما للحيتان والقرش الدموى فى عرض البحر الأحمر ، ووراء سوق الغلابة الباحثين فى القمامة التى تعد ـ فى نظر المؤلفة ـ ثروة مهدرة لا نحسن استخدامها ، ولا زال صدى كلماتها فى نهاية السوق "أنا المواطن المهدود ذو الدخل المجدود فى بلد النيل الممدود والخصب المعهود والخير المنهوب والظلم المجلوب والحق المطلوب بذلة وانكسار والراضى بما تجلبه الأقدار" .
تحية للشاعرة الباحثة القاصة المبدعة د/ مرفت محرم التى وصل عدد قراء موقعها الالكترونى أكثر من ثمانية آلاف ويزيد ، ومزيدا من العطاء الصادق والمعبر عن مشاعر المثقفين والنابض بدفء الأمومة ومشاعر النبل التى تصنع الرجال وتشيد مستقبل أمتنا المنشود بصبر واقتدار .
ديسمبر 2012
أ / عبد الرحمن البجاوى
عضو اتحاد كتاب مصر

د.ميرفت محرم .. وفن الكتابة المطمئنة


د.ميرفت محرم .. وفن الكتابة المطمئنة

بقلم الكاتب والناقد إبراهيم حمزة

- تعتمد هذه المجموعة المختلفة والممتعة للدكتورة ميرفت محرم على صيغ أقرب للتراثية ، لغة وشكلا وموضوعات ، لكن الرابط بينها  جميعا أنها تكتب لتتمثل هذه الروح الآمنة المطمئنة ، تكتب للتطهر من الآلام والمتاعب والضيق والقهر ، أبطالها جميعا  على حد السكين  : بين الملائكية الخالصة  ، وبين الشيطانية المتملكة لطبيعة شخصيات مضادة .

 ـ نجد قصص هذه المجموعة تتكىء بشكل خاص على المعيش ، مشكلات البيوت والزواج والعمل ، والحب ، كما تنتبه لقضايا الحلال والحرام وهى منطقة لا تقترب منها الفنون الأدبية  ، بل يهرب منها المبدعون الذين يخشون اتهامهم بالمباشرة والبعد عن الفن، ولذلك تتخذ قصة " شهوة المال " لونا دينيا واضحا ، حين يقرر الابن وأمه حرق القصر الذى تركه الأب من تجارة المخدرات ، كما سنجد فى انحيازا هادئا راقيا للمرأة ، فى قصة " الزوج التائب " حيث لم تأتِ التوبة إلا بعد وفاة الزوجة ذاتها .

ـ  تتمتع الكاتبة الدكتورة  ميرفت محرم برؤية وفهم خاص للقصة القصيرة ، إنه تلخيص لرواية ، كأنه سرد لقصة فيلم ، وهى رؤية تتحاشاها القصة الحديثة بلا شك ، ولكن الفن بشكل عام لا يرفض أى لون من ألوان الإبداع ، طالما ارتدى رداء الفن ، ولذلك تسعى الكاتبة فى عدد كبير من قصص المجموعة لاصطناع شكل يشبه المقامة :
(بين نعمة الإنجاب وبين نقمته؛ تكمن مشيئة الله وحكمته؛ فالمولود إما ودود وإما جحود؛ ولأن الواحد المعبود جل فى علاه؛ قدر للحاجة (سعدية) النجاة من تلك النقمة أو النعمة أياً ما كانت النتائج والأسباب؛ فقد حرمها بشكل تام من الإنجاب ....)
وهو شكل يتكرر فى عدد كبير من قصص المجموعة بحيث تتحول هذه الظاهرة إلى سمة أسلوبية واضحة ، فهل تحسب لها أم عليها ؟   

قبيل وفاة  نجيب محفوظ كان يقول " لا شىء يزعجنى الآن سوىالتقليد " ولذا كان يسعى لتجارب عجيبة متخالفة ، كشكل " رحلات ابن فطومة " أو "أصداء السيرة " والمعنى أن الشكل يعود للكاتب ، هو حقه واختياره ، وللقارىء حقه فى القبول أو الرفض ، وما يحسب للمبدعة نغمة الصدق الواضحة البالغة الصدق فى كتاباتها ، ومن هنا فاختيار الشكل أمر يعود للمبدع ذاته ، بصرف النظر عن قبولنا أو رفضنا كقراء .

ـ وجود قصص تفتقد للحبكة الفنية والتماسك التى تقارب ملخصات الأفلام ، أمر واقع لا ينكره القارىء للمجموعة ، لكن فى المقابل هناك قصص مكتملة الفنية ، تستخدم الكاتبة كافة ألعاب الصنعة الإبداعية ، وتستخدم الزمن بشكل مميز ، كما تسيطر على فكرتها ، وعلى لغتها ، يبدو كل ذلك لافتا فى قصة جيدة مثل " صراع " وهى قصة تشهد بقدرة كاتبتها على التعامل مع القماشة السردية بحكمة واقتدار .

ـ  الحدث المفاجىء يسيطر على عدد كبير من القصص ، وهو أمر يحتاج على صبر فى صياغة القصة ، فالمعقولية فى العمل الإبداعى أمر له تقديره ، قصة " قطار السعادة " قدمت نموذجا لعلاقة زوجية غير متكافئة بين زوجة ملائكية وزوج بهيمى ، ويكون الحل ان يعود الزوج ليجد زوجته قد فارقت روحها الجسد ، وصعدت إلى السماء ، والحق أن القصة بها  بعد دلالى ممتاز ، يقول : إن كان الزوج عاش يبحث عن الجسد ، فها هو أمامه ، جسد فان لا ينفع ، ولا يفيد إذا غادرته الروح ، ولكن الصنعة لها دورها الهام والمطلوب ، خاصة إن غلفت بأوراق سوليفان رقيقة اسمها الفن .

ـ " مفترق طرق " عمل بانورامى جذاب وممتع ، تتحول فيه الدكتورة ميرفت محرم من ميدان إلى ميدان ، بعدما قدمت " ديوانين هما  (بهجة الروح) و(مصر التى) ثم كتاب (فى ظلال الحياة ـ مقالات مقامية) ثم كتاب فى الأدب الإسلامى بعنوان (قطرات من فيض الرسول) وهو ما يؤكد اختياراتها وانحيازاتها الساعية لزرع بذور جديدة نادرة لفن الطمأنينة .
                                                    إبراهيم حمزة                                                                                      5/8/2012م